نصيحة لحيران في مسألة العذر بالجهل

اعلم اخي جزيت خيرا أنه لا خلاف بين أهل الحق في مسائل

العقيدة ومن مسائل العقيدة مسألة العذر بالجهل

وهي أصل يقف عليه طرفان ووسط أهل الدعوة السلفية

والخوارج المارقون و القبوريون الجهلة

وبعض من ينتسب للحق يظن أن في هذه المسألة خلافا بين

العلماء السلفيين وقد حدثني بعض الاخوة سابقا أن في

المسألة ثلاثة أقوال وربما أكثر وهذا حال من اشتبهت عليه

حقائق الأشباء وحجب عنه تمييزها فاستدل بما يحسبه

فرقا وليس بشيء كمن يضم النحاس للذهب بجامع كون

كليهما أصفر إذن فكلاهما عنده ذهب .!

قبل الخوض في هذه المسألة ينبغي أن نعلم الفرق بين الحكم

التكليفي والحكم الوضعي فالاول حكم الله سبحانه على

الفعل من حيث هو فعل فقد استقرأ العلماء خطابات الشريعة

فوجدوها تلعن وتخبر بدخول النار وتذم من يعصي أوامر

الله فسموا ذلك حراما ووجدوها تثني وتخبر بالثواب على

من امتثل الامر وتذمه ان خالفه فسموا ذلك واجبا و تمن

بأشياء وتسكت عن فعلها وتركها فسموا ذلك مباحا وهكذا مع

المكروه والمستحب .. هذه احكام تكليفية متعلقة بالفعل من

حيث هو هو وحكم الله فيه

أما الحكم الوضعي فله ارتباط بالكونيات فغروب الشمس

حدث كوني علق الله به حكما شرعيا هو وجوب صلاة المغرب

مثلا ووقوع الزنا من شخص معين حدث كوني ربط الله به

حكما شرعيا هو اقامة الحد عليه وهكذا ... مسألة العذر

بالجهل من حيث هي فعل تحدثت عنه الشريعة الاسلامية

بنصوصها الواضحة الظاهرة لا خلاف فيها وفي كون الله

سبحانه يعذر بالجهل ولهذا لن تجد متكلما في هذه المسألة

من العلماء الا وهو يعتبرها بنفس الادلة ويقعد لها بنفس

القواعد ونفس النصوص ... كلهم يستدل بقوله تعالى(( وما

كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) ونحوها لكن اين الخلاف يا

ترى ؟؟؟
الخلاف في الحكم الوضعي .. حين يتعلق الامر بربط هذه

الدلالات الشرعية بشخص معين .. بفلان الفلاني والجماعة

الفلانية والقبيلة الفلانية ..

نرجع للحكم التكليفي وهو المباح والمستحب والواجب

والمكروه والحرام .. اما الحكم الوضعي فهو ان يجعل الله

شيئا ما كونيا مرتبطا بحكم شرعي ...من حيث #السببية

فغروب الشمس #سبب في وجوب صلاة المغرب او من

حيث #المانعية ظهور الحيض #مانع من الصوم والصلاة

ومن حيث #الشرطية فهي خمسة احكام هي السبب

والشرط والمانع والحكم بالصحة والفساد

هنا نرجع للعذر بالجهل من حيث اسقاطه على فلان الفلاني

من جهة كونه حكما وضعيا ... هل الجهل مانع من

التكفير ؟؟؟؟

تأملوا هنا أيها الأحبة فهنا ضاع كثيرون عسى الله يسلمنا مثل

ذلك الهزيل في العلم الحازمي التكفيري و ابي عبد القدوس

بدر الدين مناصرة التبسي الذي تكلم فيه شيخنا ربيع واغلظ

فيه القول ...

هل الجهل #مانع من التكفير ؟؟؟

طبعا ان كنتم عقلتم الفرق بين الحكم الوضعي والتكليفي

فستقولون ان كنت تقصد يا اخانا سامي الجهل من حيث

التكليف ومن حيث صفته هو في خطابات الشريعة فنعم

الجهل مانع وهنا لم يختلف العلماء السلفيون البته ...

وان كنت تريد الحكم الوضعي هل الجهل مانع في تكفير

الطائفة الفلانية أو الجماعة الفلانية أو الشخص الفلاني فهنا

ننظر في الشروط والاسباب والموانع وهذا هو عين ما ينظر

اليه مقيم الحجة هل استوفيت الشروط والاسباب وانتفيت

الموانع ؟؟ طبعا هذا يختلف باختلاف الشخص او الجماعة ..

وباختلاف الفعل الذي تورطوا فيه جهلا ... هنا يأتي الخلاف

في التنزيل ... خلاف اجتهادي في تنزيل الحكم الشرعي

فمثلا فيه فتوى لهيئة كبار العلماؤ ترى فيها ان من كان في

بلاد المسلمين لا يعذر بالجهل وقت اسقاط الحكم عليه لانه

بلغته الحجة بطبيعة كونه في بلاد المسلمين و كون الموضوع

يتعلق بشيء ظاهر هو التوحيد وبعض العلماء تصور ان من

المقيمين بين المسلمين منةيخفى عليه ذلك كالشيخ الالباني

رحمه الله والشيخ بن عثيمين عليه رحمة الله

اذن الخلاف ليس في المسألة من حيث هي هي بل في

تحقيق المناط ... هل يتصور مسلم في بلاد المسلمين لم

تبلغه الدعوة الصحيحة ... لم يبلغه نص القرآن ..عجز عن

فهم التوحيد ؟؟؟؟ فهم اي مشايخنا ممن لا يعذره يقول بانه

ينتفي عنه كل هذا ويثبت في حقه الشرط والسبب فيقولون

بكفره بناءا علة انه بلغته الدعوة وفهمها وقامت عليه ابحجة

اصلا ومن لم يعذره تصور أنه فعلا لم يفهم الخطاب او لم

يبلغه او وصله بصفة محرفة مبدلة ..

و تأمل اخي أن في هذه المسألة ستجدهم يذكرون مسألة

تكفير المعين وستجد بعض الفتاوي لمشايخنا المعتبرين تنفي

تخصيصك للمعين ... هنا تنبه هم لا يريدون تكفير المعين

الذي عهدته بل يريدون الرد على الشبهة القديمة التي اثيرت

حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عليه رحمة الله وهي

ان المسلم لا يكفر بحال !! مهما ارتكب من المكفرات

والشركيات ونحن لا نتحدث عن ذلك بل عن اعتبار اهل العلم

للشروط والاسباب وانتفاء الموانع وقت تنزيل حكم التكفير

على شخص معين ومن لم يفصل ويدندن لك عن اقامة

الحجة باعتبار السببية والشرطية والمانعية فلأنه يرى أن

الشرط والسبب قائمين لضرورة العلم بالمجهول او العمل

الكفري وان المانع منتف لكونه معلوما بالضرورة كون ما

ارتكبه المعين شركا وكفرا ... وراجع كلام المشايخ وتدبره

وانت مراع لما ذكرت لك هنا فستجد الكلام ينسجم جميعه

في فلك واحد ويسير كله تحت مدلولات الشريعة والعلم عند

الله تعالى ... وصل اللهم وسلم على نبيك محمد

وآله وصحبه اجمعين